مدينة تاريخية في دولة مالي، تلقب بـ "مدينة الأولياء" و"جوهرة الصحراء"، وتختزل ألق الإشعاع الثقافي للحضارة الإسلامية بغرب أفريقيا، كما كانت ملتقى للتبادل التجاري بالمنطقة عبر القرون.
الموقع تقع مدينة تمبكتو (أو تنبكتو) وسط البلاد وتبعد نحو 13 كلم عن نهر النيجر، وعن العاصمة باماكوا حوالي ألف كلم شمالا. ورغم غياب معطيات حديثة عن المساحة الحقيقية التي تقع عليها المدينة، فإن التقديرات تشير إلى أن مساحة المدينة القديمة -التي تقع فيها الأحياء العتيقة بالمدينة- تبلغ قرابة 140 هكتارا.
تشكل مساحة تمبكتو والقرى الريفية التابعة لها أزيد من ربع مساحة البلاد البالغة زهاء 1.24 مليون كلم مربع، وتمثل الكثبان ما يربو على 95% من مساحة المدينة والمناطق التابعة لها.
السكان يٌقدر سكان تمبكتو -التي تعاني من ضعف كبير للنمو السكاني- بحوالي 30 ألف نسمة (حسب إحصاء رسمي سنة 1998)، وتعتبر قوميات العرب والطوارق والصونغاي والفولان أهم الأعراق التي تسكن المدينة تمبكتو.
وقد شهدت المدينة نزوحا كبيرا لقوميتيْ العرب والطوارق بعد التدخل العسكري الذي قادته فرنسا بمساعدة قوات أفريقية مطلع 2013 لطرد الجماعات الإسلامية المسلحة هناك، حيث تعرضت القوميتان لانتهاكات وصفت بالصارخة على أيدي عناصر الجيش المالي.
التاريخ تأسست مدينة تمبكتو بداية القرن الحادي عشر الميلادي وقيل في الثاني عشر، إلا أنها لم تكتسب شهرة واسعة بوصفها حاضرة للثقافة الإسلامية إلا في منتصف القرن الخامس عشر، وتعاقبت عليها ممالك كبيرة مثل مملكة مالى ومملكة السونغاي.
لم يرد ذكر المدينة في المصادر العربية قبل زيارة ابن بطوطة لها سنة 1353، إثر زيارة سلطان مالي "مانسا موسى" للمدينة عند عودته من الحج 1325 واتخاذه سكناً فيها، حيث بنى ما يعرف اليوم بالجامع الكبير.
وشهدت المدينة عصرها الذهبي من الناحية السياسية والعلمية في القرن السادس عشر، وتحديداً في عهد السلطان الحاج محمد أسكيا (1493-1528) الذي كان يهتم بالعلماء، وخرجت عددا كبيرا من العلماء الموسوعيين الذين ذاع صيتهم في الآفاق مثل أحمد بابا التنبكتي (ت 1036هـ).
كان الغزو المغربي لتمبكتو عام 1591 -أيام السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي- بداية النهاية لعصر ازدهارها، إذ بدأت أهمية تمبكتو العلمية والتجارية تنحدر تدريجيا إثر ذلك حتى كادت تضمحل.
تخلّص حكام المدينة العسكريون المغاربة -مع مرور الوقت- من تبعيتهم لدولة السعديين في المغرب، ووقعت تمبكتو تحت سيطرة قبيلة "الفولب" في النصف الأول من القرن التاسع عشر إلى أن احتلها الفرنسيون 1893، واستمروا في حكمها حتى إعلان استقلال مالي 1960.
الاقتصاد
اشتهرت تمبكتو -على مر العصور- بكونها ملتقى طرق القوافل التجارية التي تجوب الصحراء الأفريقية الكبرى، ففيها كانت تتبادل البضائع القادمة من شمال أفريقيا وشرقها (الملح والبهارات والقماش والنحاس) بالسلع المتوفرة في جنوب الصحراء وغربها (الذهب والعاج والرقيق).
يعتمد الآن سكان المدينة والمنطقة بشكل عام على النشاط الزراعي والرعوي إضافة إلى الصيد التقليدي. ووفق دراسة رسمية صادرة 2010، فإن نحو 75% من القوى العاملة في المدينة والمناطق المحيطة بها يمارسون النشاط الزراعي.
المعالم تشتهر تمبكتو بالعديد من المعالم الثقافية والعلمية، من أهمها مكتباتها العريقة التي تحتفظ بنحو 300 ألف مخطوطة، وتختزن صفحات هذه المخطوطات واحدا من أهم الكنوز الثقافية الإسلامية في أفريقيا.
تضم المدينة أيضا مجموعة من المساجد الأثرية، مثل "مسجد جينكريبر" (أو جنغراي بير) الذي يقع في أقصى غربها، وقد بناه المعماري والشاعر الأندلسي أبو إسحاق الساحلي الذي استقدمه سلطان مالي "منسا موسى"معه من الحجاز عند عودته من الحج، فكان ذلك بداية دخول الفن المعماري الأندلسي للمنطقة. وقد صنفت اليونيسكو هذا المسجد 1992 ضمن قائمة التراث العالمي.
ويعتبر "مسجد سنكَري" أحد أقدم معالم المدينة، وكان أيضا من أبرز مؤسسات التعليم في المدينة، وهو يقع شمال شرقي الحي الذي يحمل نفس الاسم، إضافة إلى "مسجد سيدي يحيى" الذي أسسه سنة 1400م الشيخ المختار حماه الله، ويوجد في قلب المدينة القديمة.